responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 494
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أُمُورٍ: مِنْهَا: أَنَّ الْمَهْرَ لَهَا وَلَا حَقَّ لِلْوَلِيِّ فِيهِ، وَمِنْهَا جَوَازُ هِبَتِهَا الْمَهْرَ لِلزَّوْجِ، وَجَوَازُ أَنْ يَأْخُذَهُ الزَّوْجُ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً يَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ، وَمِنْهَا جَوَازُ هِبَتِهَا الْمَهْرَ قَبْلَ الْقَبْضِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يفرق بين الحالتين.
وهاهنا بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً يَتَنَاوَلُ مَا إِذَا كَانَ الْمَهْرُ عَيْنًا، أَمَّا إِذَا كَانَ دَيْنًا/ فَالْآيَةُ غَيْرُ مُتَنَاوِلَةٍ لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ: كُلْهُ هَنِيئًا مَرِيئًا.
قُلْنَا: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً لَيْسَ نَفْسَ الْأَكْلِ، بَلِ الْمُرَادُ مِنْهُ حِلُّ التَّصَرُّفَاتِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْأَكْلَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ مُعْظَمَ الْمَقْصُودِ مِنَ الْمَالِ إِنَّمَا هُوَ الْأَكْلُ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً [النِّسَاءِ: 10] وَقَالَ: لَا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ [البقرة: 188] .
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنْ وَهَبَتْ ثُمَّ طَلَبَتْ بَعْدَ الْهِبَةِ عُلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَطِبْ عَنْهُ نَفْسًا، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ مَعَ زَوْجِهَا شُرَيْحًا فِي عَطِيَّةٍ أَعْطَتْهَا إِيَّاهُ وَهِيَ تَطْلُبُ الرُّجُوعَ فَقَالَ شُرَيْحٌ: رُدَّ عَلَيْهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: لَوْ طَابَتْ نَفْسُهَا عَنْهُ لَمَا رَجَعَتْ فِيهِ.
وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا: أُقِيلُهَا فِيمَا وَهَبَتْ وَلَا أُقِيلُهُ لِأَنَّهُنَّ يُخْدَعْنَ، وَحُكِيَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ آلِ أَبِي مَعِيطٍ أَعْطَتْهُ امْرَأَتُهُ أَلْفَ دِينَارٍ صَدَاقًا كَانَ لَهَا عَلَيْهِ، فَلَبِثَ شَهْرًا ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَخَاصَمَتْهُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعْطَتْنِي طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهَا، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فَإِنَّ الْآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً ارْدُدْ عَلَيْهَا. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى قُضَاتِهِ: إِنَّ النِّسَاءَ يُعْطِينَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً، فَأَيُّمَا امْرَأَةٍ أَعْطَتْهُ ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَرْجِعَ فَذَلِكَ لَهَا والله أعلم.

[سورة النساء (4) : آية 5]
وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (5)
[في قوله تَعَالَى وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً] وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنَ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ تَعَلُّقَ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا هُوَ كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ بِإِيتَاءِ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَبِدَفْعِ صَدُقَاتِ النِّسَاءِ إِلَيْهِنَّ، فَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ إِذَا كَانُوا عَاقِلِينَ بَالِغِينَ مُتَمَكِّنِينَ مِنْ حِفْظِ أَمْوَالِهِمْ، فَأَمَّا إِذَا كَانُوا غَيْرَ بَالِغِينَ، أَوْ غَيْرَ عُقَلَاءَ، أَوْ إِنْ كَانُوا بَالِغِينَ عُقَلَاءَ إِلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا سُفَهَاءَ مُسْرِفِينَ، فَلَا تَدْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَأَمْسِكُوهَا لِأَجْلِهِمْ إِلَى أَنْ يَزُولَ عَنْهُمُ السَّفَهُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الِاحْتِيَاطُ فِي حِفْظِ أَمْوَالِ الضُّعَفَاءِ وَالْعَاجِزِينَ.
وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الْآيَةِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا خِطَابُ الْأَوْلِيَاءِ فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: أَيُّهَا الْأَوْلِيَاءُ لَا تُؤْتُوا الَّذِينَ يَكُونُونَ تَحْتَ وِلَايَتِكُمْ وَكَانُوا سُفَهَاءَ أَمْوَالَهُمْ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ خِطَابُ الْأَوْلِيَاءِ قَوْلُهُ: وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَأَيْضًا فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَحْسُنُ تَعَلُّقُ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا كَمَا قَرَّرْنَاهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَهُمْ، فَلِمَ قَالَ أَمْوَالَكُمْ؟
قُلْنَا: فِي الْجَوَابِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى أَضَافَ الْمَالَ إِلَيْهِمْ لَا لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهُ، لَكِنْ مِنْ حَيْثُ مَلَكُوا التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَيَكْفِي فِي حُسْنِ الْإِضَافَةِ أَدْنَى سَبَبٍ، الثَّانِي: إِنَّمَا حَسُنَتْ هَذِهِ الْإِضَافَةُ إِجْرَاءً لِلْوَحْدَةِ بِالنَّوْعِ مَجْرَى الْوَحْدَةِ بِالشَّخْصِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [التَّوْبَةِ: 128] وَقَوْلِهِ: أَوْ ما

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 494
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست